Header Ads

Header ADS

عسو أوبسلام

 



عسو أوبسلام.. أمازيغي قهر الاستعمار الفرنسي في بوكافر

ولد عسو أوبسلام في عام 1890 في قصر "تاغيا"، بمنطقة تنغير في الجنوب الشرقي للمغرب. كان القدر يعدّ لهذا الرجل دورًا كبيرًا في مواجهة الاستعمار الفرنسي، حيث نشأ في بيئة عُرفت بالتصوف والدين، وسط أسرة تنتمي إلى قبيلة "إيملشان"، إحدى الفروع الكبرى لقبيلة "آيت عطا". تزامن مولده مع تشكيل حلف "تافراوت نايت عطا"، وهو تحالف قبلي هدفه الدفاع عن المنطقة ضد المستعمر.

نشأ عسو في كنف كبار قومه، ما أكسبه ثقة بالنفس وفهماً عميقاً لأعراف القبائل وأساليب القيادة. هذه التربية جعلت منه قائدًا متميزًا، واختاره زعماء قبيلته سنة 1919 شيخًا على قبيلة "إيملشان" وهو في التاسعة والعشرين من عمره. توسعت سلطته لاحقًا لتشمل كافة قبائل "آيت عطا"، ليصبح قائدًا عامًا لتجمع قبلي كبير واجه الاحتلال الفرنسي.

زعامة ومقاومة

مع دخول فرنسا إلى المغرب وفرضها نظام الحماية عام 1912، أصبحت قبائل "آيت عطا" جزءًا من المقاومة الوطنية، وكان عسو أوبسلام قائدها بلا منازع. امتاز بقدرته على توحيد القبائل والتنسيق بينها، وفق قوانين الأمازيغ التي تقوم على المساواة واحترام الأعراف. كتب القبطان الفرنسي جورج سبيلمان عن تأثير عسو وقوة زعامته، مشيرًا إلى أن نفوذه امتدّ ليشمل قبائل أخرى مثل "آيت إيعزا" و"آيت أونبكي".

معركة جبل بوكافر

بلغت المواجهات ذروتها في الثلاثينيات، حيث حاولت القوات الفرنسية فرض سيطرتها على مناطق الجنوب الشرقي المغربي. في عام 1932، اجتمعت قبائل "آيت عطا" في قصر "تاغيا" واختارت عسو قائدًا عامًا للمقاومة. دخل مع الفرنسيين في معارك شرسة كمعارك "تاوزا" و"النيف" و"تازارين"، إلا أن معركة "جبل بوكافر" عام 1933 كانت الأبرز في تاريخ المقاومة الأمازيغية.

في هذه المعركة، واجه عسو ورجاله 83 ألف جندي فرنسي مجهزين بأحدث الأسلحة، ومع ذلك ألحقوا بالمستعمر خسائر فادحة، حيث قُتل 3500 جندي فرنسي وأصيب المئات. كان عسو يعتمد على التضاريس الوعرة للجبال التي عرقلت تقدم القوات الفرنسية. لكن المعركة شهدت مأساة إنسانية كبيرة، حيث لم تفرق القوات الفرنسية بين المدنيين والمقاومين، فراح ضحية القصف الوحشي عدد كبير من النساء والأطفال.

الحصار والاستسلام

رغم الانتصار الكبير في معركة بوكافر، عاد الفرنسيون في مارس 1933 بقوات أكبر وتجهيزات أكثر تطورًا. فرضوا حصارًا قاسيًا استمر أكثر من أربعين يومًا، مدعومين بالقصف الجوي والمدافع الثقيلة. أمام هذا الوضع، قرر عسو أوبسلام الاستسلام حفاظًا على أرواح رجاله وسكان قبائل "آيت عطا". خاطب قومه قائلاً إنه يفضل الاستسلام على رؤية المزيد من الدماء تُراق.

اعترف الفرنسيون بشجاعة عسو ورجاله، ووصف القبطان سبيلمان المحاربين الأمازيغ بأنهم فضلوا الموت على الاستسلام، مضيفًا أن آخر معاقلهم في جبل بوكافر كانت شاهدة على بسالتهم النادرة.

وفاة القائد

بعد أن أنهى حياته في المقاومة، عاش عسو أوبسلام حياة بسيطة حتى وفاته عام 1960 بعد معاناة طويلة مع مرض السكري. دُفن في مسقط رأسه بجماعة "تاغيا إيملشان"، تاركًا وراءه إرثًا نضاليًا سيظل خالدًا في تاريخ المغرب.

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.